إنها الحب
و هنا لا نقصد بأن الحب هو المشكلة
بل موقف الأهل منه
فما أن يدخل الشاب إلى مرحلة المراهقة حتى يبدأ قلبه بالميل نحو الجنس الأخر , وهنا لا يمكنك تسمية الأمر حبا ًبل إعجاب
فربما لو استطاع هذا الشاب محادثة من يحبها (بحسب قوله) و بدء كل طرف بكشف شخصيته للأخر لتوقفت هذه العاطفة
و لكن المشكلة في مجتمعاتنا العربية أن كلمة الحب محصورة في معنى واحد هو الحرام
فإن كان الشاب جريء و اخبر والدته (لم نقل والده لأن من يستطيع إخبار والده هو بطل قومي )
و أفصح بأنه يحب هذه الفتاة أو أنه معجب بها
فأظن بأنه و خلال 60 ثانية ستمنى لو أن الأرض تنشّق و تبتلعه بسبب ما سينزل على رأسه من الشتائم و ربما الصفعات أيضا ً و قد تحرمه والدته من الخروج من المنزل بسبب ذلك
و لما كل هذا ؟
لأنه أفصح عما في داخله بالقول فحسب
أما إن كان الشاب خجولاً و لم يخبر أحدا ً بما يجول في داخله فسيعاني و يعاني و ربما أصيب باكتئاب
وهنا سيظن الأهل بأنه يخفي عنهم شيئا ً (ربما جريمة قتل مثلا ً )
و لكنهم لن يسألوه
هل تعرفون لما؟
كي لا يزول الحاجز الوهمي الذي وضعوه بينهم و بينه
أو ربما ظنوا بأنه يتعاطى المخدرات و هنا الطامة الكبرى
فكيف يظن الأهل بأن ولدهم في نعيم و هم يعاملونه بهذا الشكل؟
قد يقول أحد الآباء / الأمهات :
و لكنني أمنحه ما يريده: من أكل و شرب و لبس و مصروف..... ماذا يحتاج أكثر من ذلك؟
يحتاج إلى الحب
يحتاج إلى من يقدر مشاعره
و أحد أسباب المشاكل الاجتماعية التي تحصل في مجتمعاتنا هو هذا الكبت
يطلب الشاب من أهله أن يزوجوه بفتاة أحبها
فيشتمونه و يرفضون, فيقوم الشاب بالزواج منها زواجا ً عرفيا ً و يجلب بذلك العار له و لأسرته
ثم نبدأ بشتمه ! لما؟
ألستم أنتم السبب؟
لو جلس هذا الوالد مع ولده, و الأم مع ابنتها و منحوهم الاهتمام الذي يريدانه ثم أعطوهم من خبرتهم لما حصل ذلك كله
المراهق بشر, و البشر له مشاعر
ولا يحق لأحد أن يكبتها
و هنا أذكر القصة المعروفة عن الشاب الذي أتى إلى الرسول صلى الله عليه و سلك يطلب منه الإذن , لأي شيء؟ كي يحب فتاة؟ كي يتزوجها ؟
لا بل كي يزني !!!
و هل هنالك أشد من ذلك !
وماذا فعل نبي الرحمة؟
هل أمر أصحابه أن يقتلوه؟ أو أن يرجموه؟ أو أن يُغّرب و يّطرد؟
بالتأكيد لا و ألف لا
إذا ً ماذا فعل صلى الله عليه و سلم؟
لقد جلس معه , و بدء بمناقشته و أقنعه بأسلوبه الرائع بأن لا احد يرضى لقريبته (من أم و أخت و عمة ...) أن يزني بها الناس كما لا يسمح هو نفسه لأحد أن يزني بقريبته
فلنتعلم من الرسول يا أيها الآباء و يا أيتها الأمهات
إذا ً ما الحل؟
الحل يكون بأن تهدموا الحواجز التي تقيمونها مع أولادكم و بناتكم
أيها الأب و أيتها الأم :
أيهما تفضل؟
أن تصبر على ولدك و تسمح له بالتعبير عما في نفسه
و تعطيه من فيض حكمتك و تجربتك فيقتنع و يدعو لك طوال حياته لأنك أنقذته و وجهته و كنت له صديقا ً
أم أن يذهب فيزني أو يتزوج عرفيا ً فتلعن الساعة التي وُلد فيها هذا الشاب/هذه الفتاة
و القرار لك في النهاية
فدعونا نجعل حياتنا و حياة شبابنا أكثر سعادة و هناء